رفعت مؤسسة “فيتش سوليوشنز” تقديراتها لإنتاج الغاز في مصر خلال الربع الأول من عام 2025، مدعومة بإعادة تنشيط عمليات الحفر في حقل ظهر ومشروع غاز ريفين، مما يعكس التزام الدولة بتعزيز استغلال احتياطياتها من الغاز لأغراض تجارية.
وأشارت “فيتش” إلى توقعات بزيادة إنتاج الغاز في مصر بنسبة 2.5% خلال عام 2025، يليها نمو إضافي بنسبة 1% في 2026، مدفوعًا بإعادة تشغيل عمليات الحفر في حقل ظهر بقيادة شركة “إيني”، والتي تستهدف رفع الإنتاج بمقدار 220 مليون قدم مكعب يوميًا.
ويبلغ الإنتاج الحالي للحقل نحو 2 مليار قدم مكعب يوميًا، ما يمثل حوالي 35% من إجمالي إنتاج البلاد من الغاز الطبيعي.
تحديات مالية وتأجيلات استثمارية
كانت “إيني” قد خططت لاستثمار 160 مليون دولار خلال النصف الثاني من عام 2024، لكن تقارير أشارت إلى تأجيل بعض أعمال الحفر بسبب المستحقات المتأخرة على الحكومة المصرية لشركات النفط العالمية، والتي بلغت نحو 6.1 مليار دولار بنهاية يونيو 2024، وفقًا لنشرة طرح السندات المصرية في الأسواق الدولية.
وتوقعت “فيتش” انخفاض إنتاج مصر من النفط الخام وسوائل الغاز الطبيعي بنسبة 1% في عامي 2025 و2026، ليصل متوسط الإنتاج إلى 638.5 ألف برميل يوميًا في 2025 و628.7 ألف برميل يوميًا في 2026.
تعافي تدريجي لإنتاج الغاز
شهدت عمليات تطوير حقل ظهر تقدمًا متزامنًا مع تطورات مشروع غاز ريفين التابع لشركة “BP”، والذي يشمل حفر بئرين إضافيين في حقل كينج، مما سيضيف نحو 200 مليون قدم مكعب يوميًا (حوالي 2 مليار متر مكعب سنويًا) إلى إنتاج مصر.
ورصد التقرير انتعاشًا طفيفًا في إنتاج الغاز بعد تراجع استمر لثلاث سنوات، إذ سجل إنتاج مصر من الغاز في نوفمبر 2024 أدنى مستوى له منذ عام 2016، حيث بلغ 3.691 مليار متر مكعب.
ومع ذلك، حذرت “فيتش” من أن الاتجاه طويل المدى يشير إلى تراجع الإنتاج نتيجة غياب اكتشافات جديدة مؤكدة وعدم وجود مشاريع قريبة من اتخاذ قرار استثماري نهائي، ما قد يؤدي إلى انخفاض الإنتاج إلى 42.2 مليار متر مكعب سنويًا بحلول 2034.
التحديات في تلبية الطلب المحلي
رغم تراجع استهلاك الغاز في مصر بنسبة 27% خلال السنوات الثلاث الماضية، إلا أنه لم يشهد تغيرًا ملحوظًا في 2024، حيث انخفض بنسبة 0.4% فقط. ونتيجة لذلك، استمرت الحكومة في تطبيق سياسات تقنين الغاز منذ يوليو 2023.
وتتوقع “فيتش” نمو استهلاك الغاز بمعدل 2% سنويًا خلال الفترة المقبلة، مدفوعًا بزيادة الطلب في قطاع الكهرباء والأنشطة الصناعية، إلى جانب تعافي الاقتصاد، الذي يُتوقع أن ينمو بنسبة 3.9% في 2025 و5.1% في 2026.
استيراد الغاز لتغطية العجز
في ظل التحديات الإنتاجية، لجأت مصر إلى استيراد الغاز وتأجير محطة غاز طبيعي مسال عائمة من الأردن لسد الفجوة في الإمدادات.
ووفقًا لقاعدة بيانات الطاقة المشتركة، استوردت مصر 3.9 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال و9.2 مليار متر مكعب من الغاز عبر الأنابيب خلال الفترة من يناير إلى نوفمبر 2024، ما يشكل نحو 22.9% من إجمالي الطلب المحلي خلال تلك الفترة.
إلا أن “فيتش” حذرت من أن هذه الحلول قد تكون محدودة على المدى الطويل، مشيرة إلى أنه في حال عدم تحقيق نمو مستدام في الإنتاج المحلي خلال العامين المقبلين،
فقد تواجه مصر ضغوطًا جديدة على الإمدادات، مما قد يؤدي إلى تفاقم أزمة الطاقة ويحدّ من قدرة البلاد على استئناف صادرات الغاز المسال، التي توقفت بالكامل منذ مارس 2024.
الاستراتيجيات الحكومية لمواجهة التحديات
بلغ إجمالي صادرات الغاز المصرية 854 مليون متر مكعب فقط في 2024، فيما تستهدف الحكومة استئناف التصدير بحلول 2027. ووفقًا لتقرير حديث من “مورغان ستانلي”، سيظل العجز في الميزان التجاري النفطي قائمًا حتى العام المالي 2025/2026.
ولتجاوز هذه التحديات، تعمل الحكومة على تقليل استهلاك الغاز الطبيعي من خلال تعزيز استخدام الطاقة المتجددة، إلى جانب توفير حوافز استثمارية لسداد مستحقات الشركاء الأجانب، وتحفيز زيادة الإنتاج المحلي.