أصدر البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية تقريره السنوي حول “توقعات الاقتصاد الإقليمي” بالتزامن مع انعقاد الاجتماعات السنوية الـ34 للبنك بالعاصمة البريطانية لندن، والتي تشارك فيها الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي ومحافظ مصر لدى البنك.
نمو اقتصادي متصاعد
أظهر التقرير نظرة تفاؤلية تجاه الأداء الاقتصادي المصري، متوقعًا ارتفاع معدل النمو من 2.4% خلال العام المالي 2024 إلى 3.8% في 2025، ليصل إلى 4.4% في 2026. وعلى أساس العام الميلادي، توقّع البنك نموًا بنسبة 4% في 2025، ترتفع إلى 4.5% في 2026.
وقد سجل الاقتصاد المصري نموًا بلغ 3.9% خلال النصف الأول من العام المالي 2025 (يوليو – ديسمبر 2024)، مقارنة بـ 2.4% في نفس الفترة من العام السابق، مدفوعًا بتوسع ملحوظ في قطاعات التصنيع والنقل والتجارة بالجملة والتجزئة.
التعافي الصناعي وتحديات قطاع الطاقة
أشار التقرير إلى تعافي قطاع التصنيع بعد فترة انكماش ناجمة عن أزمة نقص العملات الأجنبية قبل مارس 2024. في المقابل، شهد قطاع النفط والغاز تراجعًا في الإنتاج، تسعى الحكومة لمواجهته من خلال تسوية مستحقات شركات الطاقة الدولية لتعزيز جاذبية القطاع.
إصلاحات هيكلية ضرورية لتحقيق النمو
أكد البنك أن استدامة النمو الاقتصادي في مصر تعتمد على استمرار تنفيذ الإصلاحات الهيكلية، خصوصًا فيما يتعلق بدور الدولة في الاقتصاد، بالإضافة إلى خفض الدين العام وتكاليف خدمته، وسط استمرار المخاطر المرتبطة بالسياسات التجارية العالمية.
وزيرة التخطيط: الإصلاحات تؤتي ثمارها
من جانبها، علّقت الدكتورة رانيا المشاط على نتائج التقرير، مؤكدة أن التوقعات الإيجابية للاقتصاد المصري تعكس فاعلية السياسات الإصلاحية التي تنتهجها الدولة، رغم التحديات الاقتصادية العالمية. وأشارت إلى ارتفاع معدل النمو من 3.5% إلى 4.3% خلال الربعين الأول والثاني من العام المالي الجاري، مع استمرار التحسن في النصف الثاني.
وشددت الوزيرة على استمرار الدولة في تنفيذ برنامج الإصلاح الهيكلي، وتعزيز استقرار الاقتصاد الكلي، وتحفيز مشاركة القطاع الخاص، مؤكدة أن النمو المستقبلي سيكون مدفوعًا بالقطاعات القابلة للتصدير والتبادل التجاري.
انخفاض التضخم وارتفاع الاحتياطي
أوضح التقرير تراجع معدلات التضخم إلى 12.8% في فبراير 2025، وهو أدنى مستوى منذ مارس 2022، مع توقعات بمزيد من التراجع بفضل سياسات البنك المركزي. ورغم ذلك، يُحتمل أن تضغط أسعار الوقود المرتفعة على معدلات التضخم، في ظل التزامات الحكومة بترشيد الدعم.
كما ارتفعت صافي الاحتياطيات الدولية لتصل إلى 47.4 مليار دولار في فبراير 2025، وهو أعلى مستوى منذ أكثر من عقدين، ومن المتوقع أن تظل مستقرة خلال الفترة المقبلة.
توافق في توقعات المؤسسات الدولية
تتسق توقعات البنك الأوروبي مع تقارير صادرة عن مؤسسات مالية كبرى. فقد توقع البنك الدولي نمو الاقتصاد المصري بنسبة 3.8% في العام المالي الحالي، و4.2% في المقبل، بينما توقع صندوق النقد الدولي نموًا يصل إلى 4.3% في 2026، مدفوعًا بانخفاض التضخم وتحسن ثقة المستثمرين.
اختتمت الدكتورة رانيا المشاط تصريحاتها بالتأكيد على أن تلك التوقعات الإيجابية من أكبر المؤسسات الدولية تعكس جدية الإصلاحات التي تنفذها الدولة، مشيرة إلى أن الحكومة تستهدف تحقيق نمو مستدام يقوده القطاع الخاص، ويخلق فرص عمل، ويرفع مستوى المعيشة.
وأشارت إلى أن الدولة تواصل العمل على توطين الصناعة، وتسهيل بيئة الاستثمار، وتحسين كفاءة الإجراءات الحكومية، بما يعزز قدرة الاقتصاد المصري على مواجهة الصدمات الخارجية وتحقيق معدلات نمو شاملة ومستقرة.