ذكرت وكالة “بلومبرغ” أن شركة “شل” العملاقة تدرس بجدية الاستحواذ على منافستها “بي بي“، وتنتظر مزيداً من الهبوط في سعر سهم الأخيرة قبل اتخاذ أي خطوة حاسمة.
ونقلت الوكالة عن مصادر مطلعة أن “شل” أجرت مناقشات تفصيلية خلال الأسابيع الماضية مع مستشاريها بشأن جدوى ومزايا الصفقة المحتملة، لكن القرار النهائي مرهون بتطورات أداء سهم “بي بي”، الذي فقد نحو ثلث قيمته خلال العام الماضي بسبب خيبة أمل المستثمرين تجاه خطة التحول وتراجع أسعار النفط.
وبحسب المصادر، فإن “شل” قد تفضل انتظار مبادرة من “بي بي” أو دخول طرف ثالث على خط الصفقة، لكن الشركة تعمل حالياً على تقييم هذا السيناريو والاستعداد له إذا سنحت الفرصة.
ولم تكن “شل” وحدها من تدرس هذا الاحتمال، إذ أشارت المصادر ذاتها إلى أن شركات طاقة كبرى أخرى تقوم أيضاً بتحليل فرص التقدم بعروض استحواذ على “بي بي”.
ورداً على هذه التقارير، قال متحدث باسم “شل” في بيان عبر البريد الإلكتروني: “نركز حالياً على تعزيز قيمة الشركة من خلال الأداء القوي، والانضباط المالي، وتبسيط العمليات”.
وفي حال تم تنفيذ الصفقة، فستكون واحدة من أكبر عمليات الاستحواذ في تاريخ صناعة الطاقة، حيث تجمع بين اثنتين من أعرق الشركات البريطانية في قطاع النفط والغاز، بعد عقود من المنافسة القوية بينهما.
تُقدّر القيمة السوقية الحالية لشركة “شل” بنحو 149 مليار جنيه إسترليني (197 مليار دولار)، أي أكثر من ضعف القيمة السوقية لشركة “بي بي” التي تبلغ 56 مليار جنيه إسترليني.
ويأتي هذا الاهتمام في وقت تواجه فيه “بي بي” تحديات ممتدة، تعود جزئياً إلى التوجه الذي تبناه الرئيس التنفيذي السابق برنارد لوني نحو تحقيق الحياد الكربوني.
وقد قرر خلفه، موراي أوكينكلوس، في فبراير الماضي إعادة ضبط المسار عبر العودة إلى التركيز على النفط، وتقليص عمليات إعادة شراء الأسهم، والتخارج من بعض الأصول.
في الوقت ذاته، أضر انخفاض أسعار خام برنت – الذي هبط إلى ما دون 70 دولاراً للبرميل – بأداء “بي بي”، وهو السعر الذي بُنيت عليه أهدافها المالية.
وقد أعرب عدد من المستثمرين عن استيائهم من أداء الشركة، من بينهم شركة “إليوت” لإدارة الاستثمارات، التي استحوذت على حصة تبلغ 5% وتطالب بخطوات جذرية لتحسين الأداء.
وترى “إليوت” أن خطة “بي بي” تفتقر إلى الطموح والسرعة، ما قد يجعلها عرضة للاستحواذ، خاصة في ظل ضعف سعر السهم وغياب استراتيجية مقنعة للنمو.
من جانبها، تواصل “شل” السير في اتجاه مختلف، حيث تبنّت استراتيجية تقوم على خفض التكاليف، والتخلي عن مشاريع الطاقة المتجددة غير المجدية، وتعزيز التركيز على الوقود الأحفوري. ورغم تفوق أداء سهم “شل” مقارنة بشركتي “شيفرون” و”إكسون موبيل”، إلا أن تقييم الشركة لا يزال دون مستوى منافسيها الأميركيين.
الرئيس التنفيذي لشركة شل، وائل صوان، أكد في تصريحات للمحللين يوم الجمعة أن الشركة تواصل بحثها عن “فرص غير عضوية” لكنها ستظل حذرة في تحركاتها، مشيراً إلى أن أي صفقة محتملة يجب أن تعزز التدفق النقدي الحر للسهم خلال فترة قصيرة.
وقال صوان: “نحن نبحث عن القيمة، واليوم نراها في إعادة شراء أسهمنا”، مضيفاً أن الشركة لا تزال أمامها خطوات داخلية يجب استكمالها قبل التفكير في استحواذ كبير.
واستشهد صوان بصفقة استحواذ “شل” الأخيرة على شركة “بافيليون إنرجي” المتخصصة في تجارة الغاز الطبيعي المسال، باعتبارها نموذجاً للصفقات التي تحقق قيمة مضافة حقيقية.
وتشير التقديرات إلى أن الاستحواذ على “بي بي” قد يمكّن “شل” من استعادة موطئ قدمها في السوق الأميركية، خاصة بعد بيع أصولها من النفط الصخري في حوض بيرميان إلى شركة “كونوكو فيليبس” عام 2021.