تتجه البنوك المصرية إلى طرح أوعية ادخارية ذات عوائد متغيرة ترتبط بسعر الإيداع في البنك المركزي المصري، بالتزامن مع خفض الفائدة على الأوعية الادخارية ذات العوائد الثابتة، وذلك قبيل انعقاد أول اجتماع للجنة السياسة النقدية هذا العام.
وتباينت توقعات المحللين بين تثبيت الفائدة وخفضها، وهو ما يعد أول انقسام في التقديرات بعد توافق استمر لستة اجتماعات متتالية.
خفض الفائدة على شهادات الاستثمار والودائع
شهدت الأيام القليلة الماضية تراجعًا في أسعار الفائدة على بعض شهادات الادخار والودائع لدى بنك مصر، البنك التجاري الدولي، بنك قطر الوطني الأهلي، وبنك إي جي، في خطوة تهدف إلى تجنب تحمل فائدة مرتفعة لسنوات قادمة في ظل عدم توافر استثمارات طويلة الأجل تحقق عوائد تفوق الفائدة الحالية.
وأوضح رئيس أحد البنوك الخاصة أن هذا الإجراء يهدف إلى مواءمة العوائد مع سندات الخزانة.
أهمية شهادات الادخار في مصر
تعتمد شريحة كبيرة من المصريين، لا سيما كبار السن، على عوائد شهادات الادخار كمصدر دخل رئيسي. وتوفر البنوك شهادات بعوائد تصل إلى 27% سنويًا لمدة تتراوح بين سنة إلى ثلاث سنوات، في حين تتراوح الفائدة على الودائع بين 13% سنويًا لفترات تبدأ من أسبوع وتصل إلى سبع سنوات.
تأثير خفض الفائدة على أرباح البنوك
توقعت هبة منير، محللة الاقتصاد الكلي في “إتش سي”، أن تتأثر أرباح البنوك سلبًا تدريجيًا نتيجة خفض الفائدة، مشيرة إلى أن البنوك ستواجه هذا التراجع عبر زيادة معدلات الإقراض لتوظيف الأموال.
يبلغ حاليًا سعر الإيداع لليلة واحدة 27.25%، وسعر الإقراض 28.25%، في حين يبلغ سعر العملية الرئيسية للبنك المركزي 27.75%.
ترقب لاجتماع السياسة النقدية وسط ضغوط تضخمية
تتفاوت آراء المحللين بشأن قرار الفائدة في الاجتماع المرتقب للجنة السياسة النقدية، في ظل استمرار التوترات الجيوسياسية وتأثير الإجراءات الحمائية على التجارة العالمية، بالإضافة إلى الضغوط الموسمية المتوقعة خلال شهر رمضان.
شهد التضخم السنوي في المدن المصرية تباطؤًا طفيفًا في يناير، حيث بلغ 24% مقارنة بـ 24.1% في ديسمبر، بينما ارتفعت أسعار الغذاء والمشروبات بنسبة 20.8% على أساس سنوي.
في استطلاع أجرته “الشرق” لآراء 11 بنكًا استثماريًا، اعتبر بعض المحللين أن الضغوط التضخمية قد تدفع البنك المركزي للإبقاء على سعر الفائدة دون تغيير، بينما يرى آخرون أن هناك اتجاهًا نحو خفض تدريجي للفائدة هذا العام.
البنوك تركز على الأدوات الاستثمارية طويلة الأجل
أكد محمد الإتربي، رئيس البنك الأهلي المصري، أن مصرفه يترقب قرار البنك المركزي لاتخاذ الخطوات المناسبة بشأن أسعار الفائدة، مشيرًا إلى استمرار طرح شهادات بعائد 23.5% و27% حتى إشعار آخر، لافتًا إلى أن حصيلة الشهادات مرتفعة العائد لدى البنك تجاوزت 800 مليار جنيه.
أوضح مسؤول في قطاع الخزانة بأحد البنوك الخاصة أن المصارف بدأت إعادة هيكلة استثماراتها عبر التركيز على الاستثمارات طويلة الأجل، مع التخارج التدريجي من الأدوات قصيرة الأجل، وتحريك الفائدة على ودائع العملاء وفقًا لتطورات السوق.
وفي ذات السياق، كشف مسؤول ائتمان بأحد البنوك الخاصة عن توسع المصارف في تدبير العملات الأجنبية، فتح الاعتمادات المستندية، وإصدار خطابات الضمان، إلى جانب زيادة رسوم الخدمات المصرفية لتعزيز الإيرادات والحفاظ على الربحية.
تحول استثمارات الأجانب نحو الأسهم والسندات
مع توقعات بخفض الفائدة تدريجيًا هذا العام، توجهت استثمارات الأجانب في مصر نحو السندات وسوق الأسهم بدلاً من أذون الخزانة.
وأشار خمسة مصرفيين وخبراء بأسواق المال إلى أن المستثمرين بدأوا تحويل استثماراتهم نحو الأسهم والسندات، خاصة بعد انتهاء آجال أذون الخزانة لأجل 12 شهرًا بحلول نهاية 2024.