دعا “صندوق النقد الدولي” الحكومة المصرية إلى توخي الحذر في اتخاذ خطوات إضافية نحو خفض أسعار الفائدة، مشيرًا إلى حالة الضبابية الاقتصادية العالمية التي تفاقمت نتيجة القرارات الأخيرة للرئيس الأمريكي دونالد ترتمب بشأن فرض رسوم جمركية جديدة.
وتأتي هذه التوصيات بعد أن أقدم البنك المركزي المصري الشهر الماضي على أول خفض في أسعار الفائدة منذ نحو خمس سنوات، مستندًا إلى تراجع ملحوظ في معدل التضخم السنوي، الذي بلغ 13.6% مقارنة بذروة 32% سجلها في سبتمبر 2023.
ورغم توقعات بعض المحللين بأن يشهد العام 2025 خفضًا تراكميًا يتراوح بين 600 و800 نقطة أساس في أسعار الفائدة، إلا أن “جهاد أزعور”، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد، شدد في مقابلة من واشنطن على أن “إدارة السياسة النقدية في هذه المرحلة الحساسة تتطلب قدراً كبيراً من الحذر واليقظة”، مؤكداً ضرورة تثبيت مستويات التضخم في نطاق آمن من خانة واحدة.
خفض أسعار الفائدة.. هل هو سابق لأوانه؟
الاقتصاد المصري شهد في العام الماضي سلسلة من الإجراءات الإصلاحية، أبرزها تحرير سعر الصرف، ورفع أسعار الطاقة، وخفض الدعم تدريجيًا، ما أدى إلى تراجع قيمة الجنيه بأكثر من 40%، في إطار صفقة تمويل كبرى بلغت قرابة 57 مليار دولار، جمعت بين دعم إماراتي واسع واتفاق مع صندوق النقد الدولي.
وفي مارس 2024، رفع المركزي المصري أسعار الفائدة إلى مستوى قياسي لمواجهة التضخم، قبل أن يبدأ التيسير النقدي مجددًا بخفض قدره 225 نقطة أساس في أبريل، ليصل سعر الفائدة الأساسي إلى 25%.
تحديات خارجية وضغوط سوقية
تأتي هذه التحركات وسط تحديات خارجية متزايدة، أبرزها التصعيد في الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، فضلًا عن استمرار التوترات الجيوسياسية في المنطقة، ما يفرض ضغوطًا إضافية على الاقتصاد المصري والأسواق الناشئة عمومًا.
وقدّر “جولدمان ساكس” خروج ما يفوق مليار دولار من السوق المصرية خلال أبريل، بعد إعلان واشنطن عن رسوم جمركية جديدة، وهو ما انعكس على أداء الجنيه المصري، الذي تراجع إلى أدنى مستوياته التاريخية قبل أن يتماسك نسبيًا.
ورغم هذه المتغيرات، لا تزال أسعار الفائدة الحقيقية في مصر – بعد خصم التضخم – من بين الأعلى عالميًا، بنحو 11.5%، ما يمنح صناع السياسة النقدية هامشًا أوسع للتحرك، ولكن بحذر.
تحذيرات من قرارات متسرعة
من جانبه، شدد محمد معيط، المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي للدول العربية، على أهمية الاعتماد على بيانات وتحليلات دقيقة عند اتخاذ قرارات نقدية في ظل الظروف العالمية الحالية.
وقال معيط، الذي شغل سابقًا منصب وزير المالية المصري، إن “اتخاذ قرارات مرتجلة ثم التراجع عنها يمثل خطورة كبيرة، لذلك يجب التأكد التام من صواب القرار قبل اتخاذه”.