يشهد قطاع الدواء في مصر تطورًا ملحوظًا مدفوعًا بارتفاع الطلب وتوسّع السوق، حيث يتوقع أن تصل مبيعات الدواء إلى 340 مليار جنيه بنهاية العام الحالي، مما يعكس نمواً بنسبة 28.3% مقارنة بالعام السابق.
يأتي هذا النمو في ظل جهود حثيثة لضبط سياسات التسعير وتحقيق التوازن بين توفير الأدوية بأسعار مناسبة وضمان استدامة الإنتاج.
وفي هذا الإطار، تعمل الجهات المعنية، وعلى رأسها هيئة الدواء المصرية، على تبنّي آليات تسعير مرنة ومتوازنة للحفاظ على استقرار السوق وتعزيز الشفافية في تداول المستحضرات الدوائية.
وقدر جمال الليثي، رئيس غرفة صناعة الأدوية باتحاد الصناعات المصرية، وصول إجمالي المبيعات إلى 340 مليار جنيه بنهاية 2025، مقارنة بـ265 مليار جنيه في 2024، بنسبة نمو تبلغ 28.3%.
وأوضح الليثي أن المبيعات المتوقعة ستوزع بواقع 280 مليار جنيه عبر القطاع الخاص (الصيدليات)، و60 مليار جنيه عبر القطاع الحكومي (المستشفيات)، مشيراً إلى أن مبيعات الأدوية عبر الصيدليات في 2024 بلغت نحو 225 مليار جنيه، بينما سجلت مبيعات القطاع الحكومي 40 مليار جنيه.
حجم التداول في قطاع الدواء والاستثمارات الجديدة
شهد العام الماضي تداول 3.5 مليار عبوة دواء في السوق المصرية، مقارنة بـ3.7 مليار عبوة في 2023، وفقًا لتقديرات رئيس هيئة الدواء المصرية، على الغمراوي، الشهر الماضي.
وعلى الرغم من النمو المستمر الذي يشهده قطاع الدواء، والذي بلغ ذروته العام الماضي بسبب إعادة تسعير مجموعة كبيرة من الأدوية،
فإن رئيس غرفة صناعة الأدوية استبعد دخول شركات أجنبية جديدة إلى السوق المصرية خلال 2025، مرجحًا أن تقتصر الاستثمارات الجديدة على توسعات الشركات العاملة حاليًا.
وتضم السوق المصرية نحو 180 مصنعًا لإنتاج الدواء، بالإضافة إلى 1200 شركة أدوية تصنع منتجاتها لدى الغير، وفقًا لتقديرات شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية وغرفة صناعة الدواء باتحاد الصناعات المصرية.
تعديلات التسعير واستقرار السوق الدوائي
في سياق متصل، أشار الليثي إلى أن الزيادة التي اعتمدتها هيئة الدواء المصرية على أسعار الأدوية بعد تحرير سعر الصرف في مارس 2024، شملت نحو 20% من المستحضرات المسجلة، أي ما يعادل 2500 مستحضر دوائي.
وأكد أن هذه التعديلات لم تكن “زيادة” في الأسعار، بل إعادة ضبط للأسعار بما يتماشى مع ارتفاع تكاليف الإنتاج بنسبة 80%، مشيرًا إلى أن هذا الإجراء كان ضروريًا لضمان توافر الأدوية الناقصة والحفاظ على استمرارية الإنتاج.
استراتيجية لضبط الأسعار وتجنب أزمات الدواء
تسعى مصر لتجنب أزمات نقص الدواء التي تفاقمت عقب تحرير سعر الصرف، حيث أدى ارتفاع تكلفة الإنتاج وتأخر قرارات تعديل الأسعار إلى اضطرابات في توافر بعض المستحضرات.
وفي هذا الإطار، بدأت هيئة الدواء المصرية العمل على تطوير سياسات تسعير المستحضرات الدوائية، بما يضمن توازن السوق ويوفر الأدوية بأسعار مناسبة.
وأكدت الهيئة، في بيان رسمي عقب اجتماعها مع ممثلي الاتحاد العام للغرف التجارية وغرفة صناعة الدواء، أهمية اعتماد آليات تسعير متكاملة ومرنة تستند إلى المعايير الدولية، بما يعزز الشفافية ويضمن استقرار السوق الدوائي المصري.
نمو قطاع الدواء.. بين الفرص والتحديات
مع استمرار معدلات النمو القوية لسوق الدواء، تبرز تحديات تتعلق بتكاليف الإنتاج والتسعير، إلا أن التوجهات الجديدة لضبط الأسعار وتوفير بيئة استثمارية مستقرة قد تسهم في تحقيق مزيد من الاستقرار، ما يعزز من قدرة السوق المصرية على تلبية الطلب المحلي وتحقيق التنمية المستدامة في قطاع صناعة الأدوية.