تشهد توقعات المحللين بشأن مسار أسعار الفائدة في مصر حالة من التباين قبل الاجتماع الأول للجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي لهذا العام، وسط عوامل متداخلة بين ضغوط تضخمية محتملة، وتأثير التوترات الجيوسياسية، إلى جانب إجراءات ضبط الموازنة العامة.
وفي الوقت الذي تبعث فيه البنوك المصرية بإشارات استباقية نحو خفض محتمل للفائدة، يبقى القرار النهائي رهنًا بتقييم المركزي لمختلف المتغيرات الاقتصادية.
يعقد الاجتماع المرتقب الأسبوع المقبل، حيث يدرس البنك المركزي الإبقاء على معدل الفائدة الحالي عند 27.25% للإيداع و28.25% للإقراض، في ظل استهداف الوصول إلى معدل تضخم عند 7% بنهاية 2026 و5% بحلول 2028.
ويعد هذا الاجتماع أول مرة تنقسم فيها آراء المحللين حول القرار المتوقع، بعد توافقهم طوال الاجتماعات الستة السابقة على تثبيت أسعار الفائدة.
جدل بين التثبيت والخفض أسعار الفائدة
شارك 11 بنكًا استثماريًا في استطلاع رأي أجرته “الشرق”، حيث انقسمت التوقعات بين فريقين: الأول يدعو للإبقاء على الأسعار دون تغيير، نظرًا لوجود مخاطر تضخمية موسمية، خاصة مع اقتراب شهر رمضان، وتأثير الإجراءات الحمائية الأميركية على التجارة.
أما الفريق الآخر، فيرجح خفضًا يتراوح بين 100 و200 نقطة أساس، استنادًا إلى تباطؤ التضخم واتجاه البنوك العالمية نحو التيسير النقدي.
التضخم وأسعار الفائدة.. علاقة متشابكة
أظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء تباطؤًا طفيفًا في معدل التضخم السنوي بالمدن المصرية، حيث بلغ 24% في يناير الماضي مقارنة بـ24.1% في ديسمبر، رغم ارتفاع أسعار الغذاء والمشروبات بنسبة 20.8% على أساس سنوي.
ويرى بعض المحللين أن هذا التباطؤ يمنح البنك المركزي فرصة لخفض الفائدة، بينما يحذر آخرون من استمرار الضغوط التضخمية.
إشارات استباقية من البنوك
بدأت بعض البنوك المصرية بالفعل في خفض الفائدة على شهادات الادخار، ما يعزز التكهنات بخفض وشيك لأسعار الفائدة.
فقد خفّض “البنك التجاري الدولي” الفائدة على شهاداته بنحو 3 نقاط مئوية، بينما خفض “بنك قطر الوطني” الفائدة بمقدار 0.5 إلى 1 نقطة مئوية، وتراجع معدل الفائدة في “البنك المصري الخليجي” بنحو 1.5 نقطة مئوية.
المؤيدون للإبقاء على الفائدة دون تغيير
- محمد أبو باشا (كبير الاقتصاديين في “إي إف جي القابضة”): يرى أن تثبيت الفائدة ضروري لمكافحة التضخم المرتفع، مستبعدًا أي خفض قبل تراجع التضخم دون مستوى 20%.
- مصطفى شفيع (رئيس البحوث في “عربية أون لاين”): يتوقع استمرار الضغوط التضخمية مع اقتراب رمضان، مشددًا على ضرورة تحسن واضح في مؤشرات الأسعار قبل اتخاذ قرار الخفض.
المؤيدون لخفض الفائدة
- منصف مرسي (العضو المنتدب ورئيس البحوث في “سي آي كابيتال”): يرجّح خفضًا بين 100 و200 نقطة أساس في الاجتماع المقبل، مع احتمال تسارع وتيرة الخفض خلال النصف الثاني من العام.
- آية زهير (رئيسة البحوث في “زيلا كابيتال”): ترى أن البنوك استبقت بالفعل قرار المركزي بخفض الفائدة، ما يعزز احتمالية تقليلها بمقدار 100 إلى 200 نقطة أساس.
- إسراء أحمد (المحللة الاقتصادية في “الأهلي فاروس”): تتوقع خفضًا بمقدار 100 نقطة أساس نتيجة لانحسار التضخم وتحسن الفائدة الحقيقية.
- سلمى حسين (رئيسة البحوث في “نعيم للوساطة المالية”): تؤيد خفض الفائدة نظرًا لتحسن النشاط الاقتصادي وارتفاع مؤشر مديري المشتريات، إلى جانب تحسن تدفقات رأس المال.
- عمرو الألفي (رئيس استراتيجيات الأسهم في “ثاندر لتداول الأوراق المالية”): يتوقع خفضًا بـ200 نقطة أساس، مستشهدًا بتحسن المشهد الجيوسياسي، خاصة بعد اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وانخفاض مخاطر الائتمان السيادية.
قرار البنك المركزي.. بين الحذر والتوقعات
يترقب السوق المصري بحذر القرار المقبل للبنك المركزي، الذي سيتحدد وفق مزيج من العوامل المحلية والدولية.
وبينما تتزايد التوقعات باتباع نهج تيسيري، يبقى السؤال مفتوحًا حول توقيت ومدى الخفض المحتمل، ومدى تأثيره على الاقتصاد والأسواق.