أكدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أن تعزيز الآفاق المستقبلية للاقتصاد المصري ليس مسؤولية جهة واحدة فقط، بل يتطلب تضافر جهود كافة الجهات من الحكومة والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني والغرف التجارية، إلى جانب اللجان المتخصصة داخل مجلس الوزراء، التي تضم نخبة من الخبراء الاقتصاديين أصحاب الخبرات الطويلة.
جاء ذلك خلال كلمتها في حفل الإفطار السنوي الذي نظمته غرفة التجارة الأمريكية بالقاهرة، بمشاركة الدكتور محمود عصمت وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، والمهندس محمد شيمي وزير قطاع الأعمال العام، والسفيرة أنجلينا أيخهورست رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي لدى مصر، والدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة المتجددة السابق، والمهندس طارق الملا وزير البترول السابق، وعدد من مسؤولي شركات القطاع الخاص، إلى جانب السيد طارق توفيق رئيس غرفة التجارة الأمريكية بالقاهرة.
وأوضحت المشاط أن تمويل التنمية الاقتصادية في مصر يعتمد على جناحين رئيسيين؛ الأول هو التمويل من الميزانية العامة للدولة، والثاني هو التمويل عبر الشراكات الدولية، مشيرة إلى أهمية تحقيق استقرار الاقتصاد الكلي ومواصلة الإصلاحات الهيكلية من أجل توفير الموارد المالية اللازمة لدفع عجلة النمو.
وأكدت الوزيرة أن مفهوم التمويل لم يعد مجرد تدفقات مالية، بل بات يشمل السياسات العامة، والتنسيق بين الجهات المختلفة، وتعبئة الموارد من كافة المصادر بشكل فعال.
وأضافت أن حشد الاستثمارات العامة والتمويل الميسر والمساعدات الفنية يلعب دورًا أساسيًا في تحقيق الأهداف الاقتصادية.
وتطرقت إلى أهمية التنمية الاقتصادية بمفهومها الشامل، بدءًا من التنمية البشرية مرورًا بالتنمية الصناعية وصولاً إلى تعزيز نمو المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتشجيع الاستثمارات الخاصة.
كما شددت على أن التنمية الاقتصادية المنشودة ليست مجرد نمو رقمي، بل هي نمو نوعي مستدام يعتمد على استثمارات طويلة الأجل تدعم الاقتصاد الأخضر وريادة الأعمال والتحول الرقمي.
وسلّطت الضوء على المزايا التنافسية لمصر، مشيرة إلى تنوع الاقتصاد المصري، وقاعدة صناعية قوية، وقطاعات واعدة مثل الزراعة والتصنيع وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، إلى جانب قوة عاملة شابة وماهرة وبنية تحتية متطورة، مما يعزز من قدرة الاقتصاد على النمو.
كما أوضحت المشاط أن النموذج الاقتصادي الأمثل لمصر يتضمن التحول نحو اقتصاد قائم على الإنتاج الصناعي الموجه للأسواق الخارجية، مما يزيد من القيمة المضافة، ويحسن الإنتاجية، ويوفر وظائف قائمة على المهارات المتقدمة.
وأكدت على أهمية ترسيخ موقع مصر كمركز إقليمي للطاقة الخضراء وتعزيز دورها في قطاعات الزراعة والتجارة.
وفيما يخص الأداء الاقتصادي، قالت الوزيرة إن متوسط النمو الاقتصادي بلغ 2.4% خلال عام 2023-2024، وارتفع في الربع الأول إلى 3.5%، مع توقعات إيجابية باستمرار التحسن، لافتة إلى أن مؤشر مديري المشتريات PMI تجاوز 50 نقطة، مما يعكس تحسنًا في الإنتاج.
كما أشارت إلى النمو القوي الذي شهده قطاع الصناعات التحويلية غير البترولية وقطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، الذي احتلت فيه مصر المرتبة الثالثة عالميًا في مؤشر ثقة خدمات التعهيد.
كما تناولت الوزيرة جهود وزارة التخطيط في تطبيق سقف الاستثمارات العامة وتوجيه الإنفاق نحو القطاعات ذات الأولوية، مما ساهم في زيادة مساهمة الاستثمارات الخاصة إلى 63% من الاستثمارات الكلية في الربع الأول من العام المالي الجاري.
وفي سياق آخر، تطرقت المشاط إلى تحسن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في القطاعات البترولية وغير البترولية، بالإضافة إلى ارتفاع إيرادات السياحة، رغم التأثر الكبير الذي شهدته إيرادات قناة السويس نتيجة التطورات العالمية الأخيرة.
واختتمت الوزيرة تصريحاتها بالإشارة إلى الإصلاحات الهيكلية التي تقودها الحكومة لتحقيق استقرار مالي ونقدي مستدام، وتحسين تنافسية الاقتصاد، ودعم التنوع الاقتصادي والتحول نحو الاقتصاد الأخضر، مؤكدة على أهمية هذه الإصلاحات في تحقيق نمو اقتصادي مستدام يخدم أهداف التنمية الشاملة.