قالت شركة جيه إل إل إن قيمة المشاريع المتعاقد عليها في مصر خلال عام 2022 نحو 21% من إجمالي القيمة المسجلة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وذلك على الرغم من الظروف غير المواتية والاضطرابات الاقتصادية المرتبطة بتراجع قيمة العملة في مصر، وهو ما يمثل قفزة سنوية مقارنة بقيمة مشاريع عام 2020. ويعزى ذلك إلى تدفقات قياسية للاستثمارات الأجنبية المباشرة، التي نمت بنسبة 71% في السنة المالية 2021/2022؛ فضلاً عن استثمار شركات التطوير الإقليمية في مشاريع البنية التحتية الحساسة، مما يؤكد مرونة القطاع العقاري المصري.
وأضافت الشركة أنه على الرغم من خفض صندوق النقد الدولي لتوقعاته بشأن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي المصري للسنة المالية 2022/2023 إلى 4%، إلا أن “تريدينج إيكونوميكس” سجلت وصول الاستثمار الأجنبي المباشر في رأس المال إلى أعلى قيمة له على الإطلاق بقيمة 7.7 مليار دولار في الربع الأول من عام 2022، بعد استقراره عند 2.8 مليار دولار منذ عام 2002. وتحفز وتيرة الاستثمار عجلة القطاع العقاري، نتيجة شروع مصر بتطوير 20 مدينة جديدة، تزامناً مع تحديث بعض مخزوناتها القائمة.
ولفتت إلى توقع شركة الإمارات دبي الوطني للأبحاث مساهمة الخصخصة وبيع الأصول الحكومية في استقطاب المزيد من الاستثمارات، والتي من المرجح أن يأتي معظمها عبر الدعم المالي الكبير على شكل استثمارات أجنبية مباشرة من دول مجلس التعاون الخليجي.
وقالت لورا مورغان، رئيس معلومات السوق في الشرق الأوسط وإفريقيا لدى شركة “جيه إل إل”: “ساعد التدفق القياسي للاستثمارات الأجنبية واستثمار شركات التطوير الإقليمية في مشاريع البنية التحتية الحساسة في الحفاظ على مرونة السوق العقاري المصري في عام 2022. فعلى الرغم من الظروف غير المواتية والاضطرابات الاقتصادية المرتبطة بانخفاض قيمة العملة الوطنية، شرعت مصر بتطوير 20 مدينة جديدة مع تحديث بعض مخزوناتها القائمة، مما يعكس قوة قطاع الإنشاءات في البلاد.
واستضافت مصر مؤخراً مؤتمر الأطراف COP27 بشأن المناخ، حيث كشفت البيانات عن فرص أفضل أمام المنطقة لتخفيف الكربون من قطاع الإنشاءات وتطبيق تقييم الاستدامة العقارية. وفي حين تركز بعض دول المنطقة حالياً على مساراتها لتحقيق أهداف الحياد المناخي، تعهدت مصر بتحديث خطتها المناخية بحلول يونيو 2023، ويتضمن ذلك إطلاق استراتيجية طويلة الأمد تحدد هدف مصر للحياد المناخي”.
ووفقاً للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، استقبلت مصر نحو 5 ملايين زائر في النصف الأول من عام 2022، بالمقارنة مع 2.5 مليون زائر في الفترة ذاتها من العام السابق. وتتوقع “تريدينج إيكونوميكس” أن يسهم قطاع السفر والسياحة مستقبلاً بنسبة 12% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2024، أي ما يكافئ 40 مليون سائح. وعلى مستوى قطاع الإسكان في القاهرة، سلمت قرابة 18 ألف وحدة سكنية في عام 2022، ومن المتوقع أن يشهد عام 2023 تسليم 35 ألف وحدة سكنية تقريباً، مما يشير إلى قطاع سكني قوي من ناحية أعمال الإنشاء.
وأظهرت بيانات تحليل حالة السوق لشركة “جيه إل إل”، والتي جُمعت من خلال نقاشات مع شركات المقاولات الإقليمية وشركات سلسلة التوريد، أن التقلبات الاقتصادية العالمية في النصف الأول من عام 2022 أسهمت ببروز تحديات في سوق الإنشاءات المحلي انعكست على مواعيد التسليم والارتفاع الفوري في الأسعار، وترافق ذلك مع إحجام الموردين عن ضمان الأسعار لفترات طويلة.
وتأثرت مواد البناء التي يدخل الألمنيوم في تصنيعها، من واجهات المباني وحديد التسليح، بالإضافة إلى المستلزمات الكهربائية والميكانيكية من المولدات وأشباه الموصلات، كثيراً بالاضطرابات التي فرضتها التقلبات الاقتصادية العالمية وتأخر تسليم الشحنات، وأدى ذلك إلى خسائر مالية، وأبرز حاجة المقاولين إلى إدارة دقيقة لسلاسل التوريد لتخفيف المخاطر والالتزام بالمواعيد والميزانيات وتوفير التدفقات النقدية.
وعلى الرغم من ذلك، سجلت “جيه إل إل” تحسناً ملحوظاً في سلسلة التوريد في النصف الثاني من عام 2022، إلا أن استمرار ارتفاع الأسعار ظل خطراً رئيسياً على السوق في مصر نتيجة تراجع قيمة العملة الوطنية وارتفاع معدلات التضخم، مما يفرض على شركات التطوير والمقاولين متابعة التوجهات بمزيد من الحذر. وتتوقع “جيه إل إل” أن تواصل أسعار مواد البناء ارتفاعها خلال عام 2023 في ظل استمرار تعويم الجنيه المصري.
وستعمل على موازنة تكاليف الإنشاء الإضافية في ظل ظروف السوق المحلي وعوامل الاقتصاد العالمية، على الرغم من هبوط أسعار السلع وغيرها من المواد أو استقرارها حالياً. ويحقق قطاع الانشاءات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أداءً قوياً بالاعتماد على استيراد مواد البناء من خارج المنطقة، مما يؤثر سلباً على سوق الانشاءات في مصر، فضلاً عن مساهمة تنامي الطلب العالمي على العمالة الماهرة والنقص في إمدادات قطاع الإنشاءات في رفع تكاليف الإنشاء.
ووفقاً للمنتدى الاقتصادي العالمي، سجل النقص في المهارات العالمية أعلى مستوى له خلال 16 عاماً عند 75%، تزامناً مع تصنيف القطاع العقاري أحد أصعب القطاعات من ناحية ملئ الشواغر. وأسهم تراجع الطلب العالمي وانفراج ازدحام الموانئ في تعزيز العمليات التشغيلية، مما أدى إلى هبوط أسعار الشحن 76% في ديسمبر 2022 (إلى 2978 دولاراً للحاوية حجم 40 قدماً) بالمقارنة مع العام السابق. ومن ناحية أخرى، كانت مشكلات الشحن البحري خطراً رئيسياً خلال عام 2022، وأكد المقاولون أن آثارها السلبية لم تقتصر على تأخير مواعيد استلام مواد البناء، بل امتدت لتكون عاملاً في زيادة الأسعار.