عاد قانون الإيجارات القديمة إلى صدارة المشهد التشريعي في مصر خلال الأشهر الماضية، بعد صدور حكم من المحكمة الدستورية العليا في نوفمبر 2024، يقضي بعدم دستورية بعض بنود قانون الإيجار القديم، ويفتح الباب أمام تعديلات قانونية طال انتظارها.
حكم دستوري يفتح الباب للتغيير
قضت المحكمة الدستورية بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادتين الأولى والثانية من قانون الإيجار الصادر عام 1981، وهو الحكم الذي اعتُبر خطوة مفصلية باتجاه تعديل العلاقة الإيجارية بين المالك والمستأجر.
وبررت المحكمة حكمها بأن تثبيت القيمة الإيجارية لسنوات طويلة دون النظر إلى معدلات التضخم وتغيرات السوق يُعد إخلالاً بمبدأ العدالة وانتهاكاً لحق الملكية، حيث نصت القوانين السابقة على تثبيت القيمة السنوية للإيجار بنسبة 7% فقط من قيمة الأرض وتكلفة المبنى وقت الترخيص، دون مرونة لمواكبة المتغيرات الاقتصادية.
دعوة لتشريع جديد قبل نهاية الدورة البرلمانية
طالبت المحكمة في حيثيات حكمها مجلس النواب بسرعة التدخل التشريعي لتعديل القوانين المنظمة للعلاقة الإيجارية، على أن يتم ذلك قبل انتهاء الفصل التشريعي الحالي،
في خطوة تهدف إلى تصحيح أوضاع تاريخية يرى كثيرون أنها لم تعد مناسبة للواقع الاقتصادي الحالي.
نظرة تاريخية.. من قوانين الحماية إلى التجميد
بدأ تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر في مصر منذ عام 1920، حين صدر أول قانون ينص على تثبيت الإيجارات عند مستوى أغسطس 1914، مع إضافة 50% ومنع طرد المستأجر إلا بحكم قضائي.
وخلال الحرب العالمية الثانية، صدر قانون عام 1941 يمنع الملاك من رفع الإيجار أو إخلاء المستأجرين، نتيجة الظروف الاستثنائية في ذلك الوقت.
واستمرت هذه السياسات بعد ثورة يوليو 1952، مع إصدار عدة قوانين تلزم المالكين بتخفيض الإيجارات، ما أسس لنظام امتد لعقود طويلة.
وفي عام 1981، صدر قانون جديد للإيجار القديم سعى لحل النزاع بين الملاك والمستأجرين، لكنه أبقى على تثبيت الإيجار عند 7% من قيمة الأرض، مع زيادات طفيفة تتراوح بين 5% و30% للمحال والوحدات غير السكنية، وفقًا لتاريخ الإنشاء.
صياغة جديدة تحقق التوازن
ومع الحكم الدستوري الأخير، تحركت المياه الراكدة فيما يخص القانون وأصبحت الحكومة مقبلة على لحظة حاسمة لإعادة صياغة قانون الإيجار ات القديمة،
بما يحقق التوازن بين حماية الفئات الأكثر احتياجًا من المستأجرين، وضمان حقوق الملاك في الانتفاع بعقاراتهم، ضمن رؤية تشريعية تستند إلى العدالة الاجتماعية والواقع الاقتصادي الراهن.