تسعى البنوك المصرية خلال العام الجاري إلى تعزيز دعمها للقطاعات الاقتصادية التي تساهم في إيرادات العملة الأجنبية، مثل التصدير والسياحة، وفقًا لتصريحات ثمانية مصرفيين تحدثوا لموقع “الشرق”.
التصدير ضمن أولوية البنوك المصرية
يشير المصرفيون إلى أن الصناعات الغذائية والزراعية تتصدر قائمة أولويات تمويل المشاريع في 2025.
وتخطط بعض البنوك لتأسيس إدارات وبرامج تمويلية متخصصة للمصدرين وللمشروعات الصديقة للبيئة والمستدامة. وتأتي هذه الجهود في إطار خطة الحكومة المصرية لزيادة إيراداتها من العملة الأجنبية، خاصة بعد تحسن حركة الملاحة في قناة السويس نتيجة لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة،
الأمر الذي أعاد بعض الأمل في تعافي الاقتصاد الوطني، بعد أزمة شح الدولار التي أثرت على مصر، تم التغلب عليها جزئيًا من خلال خفض قيمة الجنيه في مارس الماضي، مما ساعد على استعادة تدفقات العملة الأجنبية عبر البنوك بدلاً من السوق السوداء.
عودة قوية لتمويل القطاع السياحي
صرح رئيس قطاع الائتمان في أحد البنوك الخاصة بأن مصرفه يخطط لتمويل خمسة قطاعات أساسية في ظل وفرة النقد الأجنبي. تشمل هذه القطاعات السياحة ضمن المبادرة الحكومية لدعم القطاع، بالإضافة إلى الصناعة بشكل عام، والصادرات الزراعية، والبتروكيماويات، والنقل اللوجيستي في منطقة قناة السويس.
هذه التصريحات تتوافق مع تصريحات رئيس قطاع الخدمات المصرفية في أحد البنوك الخليجية في مصر، الذي أكد زيادة الإقراض للقطاع الصناعي والشركات الزراعية المصدرة، وكذلك التوسع في دعم قطاع السياحة في ضوء توقعات بزيادة نموه في المستقبل القريب.
بعد معاناته من تصنيفه كقطاع “عالي المخاطر” خلال جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، بدأت حركة السياحة في العودة إلى معدلاتها الطبيعية منذ العام الماضي، مما أدى إلى زيادة دعم البنوك لهذا القطاع.
ويعتمد الاقتصاد المصري بشكل كبير على السياحة كمصدر رئيسي للعملة الأجنبية، حيث يهدف إلى زيادة عدد السياح إلى 30 مليون سنويًا بحلول عام 2030، مقارنة بـ 15.7 مليون سائح في 2024.
مبادرات جديدة لدعم السياحة والصناعة
في إطار ذلك، أطلقت الحكومة المصرية مبادرات لدعم الشركات السياحية والصناعية، مثل مبادرة بقيمة 50 مليار جنيه لتوسيع وتحديث البنية الفندقية، بفائدة منخفضة تصل إلى 12% متناقصة.
بالإضافة إلى مبادرة أخرى بقيمة 30 مليار جنيه لدعم الصناعات المتنوعة مثل صناعة المعدات وخطوط الإنتاج، بفائدة منخفضة أيضًا تصل إلى 13%، بشرط أن تلتزم الشركات بزيادة نسبة المكون المحلي.
عودة اهتمام البنوك المصرية بتمويل الأسمدة
كشف أحد المصرفيين عن أن البنوك بدأت مؤخراً في التركيز على تمويل قطاع الأسمدة بعد أن كان هذا القطاع قد تم استبعاده في العام الماضي بسبب أزمة نقص الدولار.
المصرفيون الآن يركزون على تمويل الإنتاج المحلي للأسمدة بدلاً من التجارة في هذه المنتجات.
شروط منح التمويلات رغم التوسع في دعم القطاعات الإنتاجية، إلا أن البنوك تتبنى سياسة حذرة في منح التمويلات، حيث يتم إقراض الشركات بناءً على قدرتها المالية، مع مراعاة التوزيع المناسب للائتمان بين القطاعات المختلفة.
ويشمل ذلك اتباع معايير دقيقة لإدارة المخاطر المالية والتأكد من الملاءة المالية للمستفيدين.
التمويل الأخضر على صعيد آخر
تحرص البنوك الخاصة على التوسع في تمويل المشاريع الخضراء التي تهدف إلى تقليل الانبعاثات الكربونية وتحقيق الاستدامة البيئية.
هذه المشاريع يتم تمويلها عبر برامج تمويلية مدعومة من البنوك المحلية والمؤسسات الدولية مثل البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية.
بذلك، يبدو أن البنوك المصرية تتجه نحو دعم القطاعات التي يمكن أن تحقق إيرادات من العملات الأجنبية، مما يعزز استقرار الاقتصاد الوطني ويزيد من حجم الاستثمارات في مصر.